Monday, October 8, 2012

--- 11 --


ايتها الجنية، ولا أدري إن كان يسعدك مناداتك بهذا، دون ألقاب، دون أسماء،  تعلمين ان فترة غيابك الاولى كانت اول تجربة لي في الحياة اعيشها بدونك، بدون تلك الايقونة السحرية التي طالما كانت معلقة في طوق على رقبتي، حياة لم افكر بها وانت غائبة ولكني اكتشفتها بعد ان رجعتي،  فقد كنت دوما تشكلين الحجاب الحامي لي بوجودك، كنت تمنحيني القوة كما تمنحيني الثقة، ذلك شيئا كان يعلمه الجميع في شخصيتي، يعلمون اني كنت اتمتع بشجاعة قلما تمتع بها اقراني، وكنت بالنسبة لي الملاك الحامي دوما، شخصيتي كانت تلفت الانظار بينما الجميع من حولي يتساءلون من أين لي كل تلك الثقة بالنفس، من أين لي كل تلك الشجاعة لأقتحم اشد المواقف صعوبة، كنت اسير دوما في المقدمة وانا في حالة من القوة التي يمنحني اياها وجودك، ذلك الوجود الذي بقي خافيا على كل من حولي، كانوا يرون ما أنا فيه ولكن ليس لديهم اية فكرة عن تلك الجنية المحمولة في ايقونة على صدري، كيف كان لك ذلك السحر، كيف كنت تسيطرين على غرائزي، شيء لم أفهمه ولكني كنت سعيدا دوما بتلك الحالة التي انا عليها بوجودك،  ولشدة ما ارتعبت  وانتابني من الخوف الكثير حين تركتني وذهبت، فقد خفت كثيرا أن افقد تلك الصفات، ان افقد الثقة بصوتي، كما في المشي في الطريق، كان علي ان اتصرف منذ غادرت بنفس الطريقة التي كانت بوجودك، لكن مع فارق وحيد، هو اني كنت ادعي ما انا عليه، كنت أمثل تلك الشخصية القوية ولا احملها، يعيش الخوف في داخلي بينما ترتسم مشاعر القوة على قسمات وجهي، اعلم اني اديت الدور بشكل جيد، لكني في نهاية المطاف اعرف اني مجرد ممثل مدعي لما انا عليه، وكنت دوما اخشى الوقوع في مأزق يكشف شخصيتي المترددة المدعية،

ولكي اكون اكثر تفاؤلا ايتها الجنية الأيقونة، لم تكن تجربة غيابك سيئة إلى الدرجة التي تظنين، كنت افتقدك، نعم، ولكني كنت افتقد نفسي التي كانت تختلف في وجودك،  نفسي التي تخرج من جسدي لتتركني كلما تركتني، وتضع بديلا عنها شخص هزيلا بائسا غير قادر على التصرف او التكلم، وإن تساءلت أين يكمن التفاؤل في هذا، سأجيبك، نعم التفاؤل كان في مقدرة تلك الشخصية الضعيفة ان تنجو، ان تستمر بالحياة بدون مساعدتك، وهي قادرة على النجاة إن كنت تفكرين في المغادرة مرة ثانية، لقد مررت في تجربة غيابك بنجاح، كنت كمن يخشى الغرق في الماء، إلى ان رميت بنفسي في عرض المحيط وها أنذا اليوم اعرف اني اجيد السباحة وانقاذ نفسي، ولولا لتلك ا لتجربة لما تعلمت ما يختفي في داخلي من امكانيات، أليست تلك نعمة التجربة، أليست المغامرة وحدها تدفعنا لنكتشف اضعف الامكانيات لدينا، كما تخرج من داخلنا كل ما توقفنا عن استعماله بعذر عدم توفره أو قلة الخبرات لدينا، لن يعود السقوط في البحر يخيفني وإن تكن تلك تجربة لا اريد ان اعيشها مرة ثانية، فأنا كما تعلمين تعودت الاحساس بالأمان في وجودك، وأني افضل العيش في اقل مساحة ممكنة من الخطر، كما يكون كل انسان في نهاية المطاف!!


أعذروني على كل تلك التفاصيل التي ادخلتكم فيها، فقضية العلاقة بيني وبين تلك الجنية، تثير جنوني وتأخذني في حالة من الغضب وتدفعني للثرثرة كهاجس مجنون، وكأنها كانت دوما تحاول دفعي إلى حافة الجنون، تلك الحافة التي اظن انني عبرتها اكثر من مرة، ولكن سرعان ما عدت لرشدي، فليس هناك من بد، ان الجنون سيكون شريك في حياة من تعيش جنية في حياته،  صحيح ان وجودها كان سر من اسرار حصولي على الثراء في وقت مبكر من حياتي، وهو شيء لا انكره عليها، ولكن لم يكن علي ان ابقى في حالة من الشكر والعرفان لها دوام الوقت، كان يكفي ان اشكرها وهذا شيء فعلته، لكن ان استمر في قبضتها إلى الأبد شاكرا لها، حتى لا اخسر تلك الاموال، فتلك حالة لن اقبل بها، وهو شيء طالما قلته لها، إن اردتني ان اعود فقيرا، فلن اترجاك، خذي كل تلك الاموال خذيها كلها دفعة واحدة، ولكن لا تتخيلي اني سأجثو على ركبتي لأترجاك، لن اكون عبدا للمال، ولا لمن يهبني إياه، ذلك قرار نهائي، وعلى مايبدو انها ادركت ذلك، وادركت ان المال لن يكون هدفي في الحياة، ولن تستطيع ان تحكم جزء من حياتي لو حرمتني، منه، بل على العكس، كنت اقوى مما تتخيل كلما اقتربت من الافلاس،  تلك حالة جعلت من علاقتنا نداً للند، فلاحاجة  للتزلف بيننا، انت هنا لأني اريدك انت تكوني، وانا هنا لأنك تريديني ان اكون، تلك حالة من السلم عشنا عليها فترة إلى أن ظهرت تلك الفاتنة الاخاذة في حياتي،  "صبا"، وهو اسم سيكون له وقع دائم التأثير على كياني، سيرجعني كلما ذكرته سنين كثيرة إلى الوراء، إلى حين التقيتها، أول مرة!!

--- 12 ---



No comments:

Post a Comment